ما يثير الأسى في النفوس أن الصحافة والإعلام العبريين أشارا منذ أسابيع وبوضوح إلى عمليات الهدم والتنقيب الإسرائيلية بجوار حائط البراق بـ#المسجد_الأقصى، بينما الفلسطينيون منهمكون في الاقتتال الداخلي وتداعياته .
ولطالما كانت مدينة #القدس ومعالمها وهويتها الوطنية موقع المحاولات الإسرائيلية المتواصلة لتهويدها، ولم تنقطع هذه المحاولات، وإلى جانب ذلك يتوسع #الاستيطان وعمليات نهب أراضي #الضفة الفلسطينية ومصادرتها.
ففي يوم 6/2/2007 بدأت جرافات #إسرائيلية بهدم سور خشبي وغرفتين قرب حائط البراق بالمسجد الأقصى، وذلك بعد أيام من الكشف عن نفق جديد يجري حفره أسفل الحرم القدسي، وأفادت إدارة الوقف الإسلامي أن هدم هاتين الغرفتين يهدد تماسك أساسات الأقصى.
وأغلقت قوات #الإحتلال_الإسرائيلي بوابات الحرم القدسي وبوابات البلدة القديمة في القدس، ونشرت بشكل مكثف المئات من الجنود والشرطة في محيط البلدة القديمة وداخلها، خصوصاً في محيط باب المغاربة، كما منعت المواطنين الفلسطينيين من الدخول والخروج من البلدة القديمة مما أدى إلى حرمان الطلبة من التوجه إلى مدارسهم الواقعة داخل أسوارها.
وكشفت مؤسسة الأقصى لرعاية وإعمار المقدسات الإسلامية في أراضي الـ 48 (3/2/2007)، عن مشروع تنفذه جمعية يهودية برعاية سلطة الآثار الإسرائيلية.وتعمل على حفر نفق بطول 600 متر يصل حي سلوان بالزاوية الجنوبية للمسجد الأقصى ، وكانت جمعية « عطيرات كوهاتيم” اليهودية شرعت قبل أسابيع ببناء كنيس يهودي على أرض وقفية تبعد 50 متراً من المسجد الأقصى. وأجرت حفريات عميقة تبعد أمتاراً فقط عن الجدار الغربي للمسجد.
وكانت المؤسسة نبهت (21/1/2007) بأن كاميراتها وثقت خلال زيارة ميدانية للأقصى حفريات واسعة أجرتها الجمعية اليهودية المذكورة، وتتسع هذه الحفريات يوماً بعد يوم أفقياً وعمودياً مقارنة بالوضع الذي كشفت فيه لأول مرة في 21/9/2005.
من جهة أخرى، كشف مسؤولون في الهيئة الإسلامية العليا والأوقاف الإسلامية والحركة الإسلامية داخل أراضي الـ 48 النقاب عن حفريات إسرائيلية جديدة تحت المسجد الأقصى.
وأثارت الإجراءات الإسرائيلية تنديدات واحتجاجات فلسطينية على المستويين السياسي والشعبي، تمثلت بتظاهرات ومسيرات جماهيرية في معظم المحافظات الفلسطينية رفضاً لتهويد القدس، وعقدت مؤتمرات صحفية للعديد من الشخصيات السياسية والروحية.
ففي رام الله ، دعا النائب قيس عبد الكريم (أبو ليلى) عضو المجلس التشريعي ، وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الجميع إلى التحرك لوضع حد لهذه الانتهاكات في القدس والتي تهدف إلى تغيير معالم المدينة وذلك انطلاقاً من ” معتقدات صهيونية وأصولية بحتة”.
وأكد الرفيق أبو ليلى أن النداء موجه إلى الأخوة المجتمعين في مكة «لأن إسرائيل تستغل الانقسام والفتنة بين الفلسطينيين التي لا يستفيد منها إلا الاحتلال».
وتوجه الشيخ تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين، بنداء إلى الشعب الفلسطيني للتصدي لهذه الإجراءات الإسرائيلية ، وأكد أن إسرائيل استغلت انشغال الفلسطينيين بالاقتتال للمس بالمسجد الأقصى، ووجه رسالة إلى المتحاورين في مكة بضرورة الخروج باتفاق نهائي لحل القضايا الخلافية.
وقال بسام الصالحي عضو المجلس التشريعي عن حزب الشعب : ” إن مايجري إمعان في سياسة التمييز العنصري وامتداد للسياسة الممنهجة التي تتبعها إسرائيل منذ العام 1967 “.
وفي غزة ، أكد الدكتور أحمد بحر رئيس المجلس التشريعي بالإنابة ، أن ما يتعرض له المسجد الأقصى من تهويد وحفريات وتجريف يتطلب الوقوف صفاً واحداُ ووقف الاقتتال الداخلي والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وكما ندد صالح الرقب، وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بالمخططات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى داعياً أبناء الشعب الفلسطيني والإسلامي للخروج بمسيرات استنكاراً ” للجريمة البشعة “.
وأدان حسن أبو حشيش وكيل مساعد وزارة الإعلام، المخططات الإسرائيلية ضد الأقصى داعياً الجماهير الفلسطينية للتحرك الفوري للتعبير عن غضبها ورفضها لهذه المخططات.
تنديد عربي ودولي
على الصعيد العربي والإسلامي أدان العاهل الأردني عبد الله الثاني الأعمال الإسرائيلية، مؤكدا أن بلاده ستتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس.
وطالب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إسرائيل بالتوقف الفوري عن القيام بأي نشاط أو إنشاءات في منطقة المسجد الأقصى أو أي عمل من شأنه “استفزاز مشاعر المسلمين وإثارة غضبهم”.
كما دعا العاهل المغربي محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي، إسرائيل إلى الوقف الفوري لهذه الأعمال.
وأعربت الجامعة العربية في بيان لها عن القلق البالغ والغضب الشديد تجاه ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من “عدوان متواصل وبخطوات متسارعة للإضرار بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وإجراءات تهويد هذه المدينة المقدسة لدى الشعوب الإسلامية والمسيحية “.
ودعت الجامعة المنظمات الدولية المعنية بتحمل مسؤولياتهم فورا “لوقف هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم على المسجد الأقصى المبارك خاصة ومدينة القدس عامة للمحافظة على السلم والأمن الدوليين”.
كما أدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد الرحمن العطية ما تقوم به إسرائيل من أعمال بالقرب من أحد مداخل المسجد الأقصى في القدس معتبرا أنها “ممارسات استفزازية”.
وندد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالأعمال الإسرائيلية وحذر من أن المسجد الأقصى سيكون «الشرارة التي تشعل النار في العالم الإسلامي كله غضبا لأولى القبلتين».
أما على الصعيد الدولي، فقد قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن ما وصفها بالتصرفات الاستفزازية إزاء المقدسات الدينية، أمر غير مقبول، وذلك عقب محادثاته في موسكو مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.
ادعاءات وزيف إسرائيلي
وفي تصريح له، ادعى مدير قسم الحفريات في سلطة الآثار الإسرائيلية، جدعون أفني أن عمليات الحفر بعيدة عن المسجد الأقصى ووصفها بأنها عمليات ترميم بسيطة وضرورية.
وذكرت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية في 5/2/2007 أنه «ليست هناك خطوات متخذة ضد إثنين من علماء آثار سلطة الآثار الإسرائيلية، اللذين خرقا الرخصة الممنوحة لهما. بدلاً من ذلك، يتم السماح لهما بالحفر في منطقة تمتد لمسافة 100 متر إضافية من أجل إستكشاف الموقع».
وقالت الصحيفة: “هذه منطقة حساسة جداً للحفر، فإذا ما وصلت إلى جدار الحرم الشريف، فبالتأكيد ستستدعي ردود فعل غاضبة من الأوقاف الإسلامية التي إتهمت إسرائيل مراراً بمحاولة الحفر تحت الأماكن المقدسة في الحرم» وأضافت: “أضف إلى ذلك فإن غالبية مواقع الحفر يسكنها الفلسطينيون، وحتى الآن لم يبذل أي جهد للحصول على ترخيص للحفر تحت وفي ممتلكاتهم.
تقرير: رحاب عمورة
نشرت سابقا في مجلة الحرية عام 2007