في صباح يوم ماطر جميل من عام 2014 بينما كنت أحتسي القهوة.. جاءني اتصال من مديرة التحرير أن هناك مقابلة مع سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية.. وكنا ننتظرها بفارغ الصبر، سرت بسرعة البرق في الطريق.. التقيت بها وانطلقنا لنصل إلى مجلس سموه المطل على “ميدان”.. المكان هناك ينقلك إلى عالم آخر تشعر كأنك تعيش حكاية من ألف ليلة وليلة.. عجّت القاعة بالصحفيين ننتظر سموه.. ليطل علينا ويجلس متوسطاً الحضور وتبدأ الجلسة حيث غمرنا بكرمه ونهلنا من حديثه الكثير.

منذ 30 عاماً

كشف سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية، أن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أوصانا وحملنا مسؤولية نشر سباقات الخيول العربية الأصيلة، وقال.. منذ 30 عاماً أتولى هذه المهمة، والخيول العربية تطورت وزادت شعبيتها في أوروبا لكن في بريطانيا ما زالت تحتاج للمزيد، وأشار سموه إلى أن معظم الملاك للخيول العربية الأصيلة في أوروبا هم من أهل الجزيرة العربية والخليج.

إقبال كثيف

عن الحدث الأبرز على الساحة.. كرنفال دبي العالمي للخيول الذي وصل إلى كأسه الأغلى أوضح سموه أن الكرنفال حقق رواجاً ونجاحاً كبيرين بسبب الإقبال الكثيف عليه، وقال إن هناك طلب متنام من الخيول الأوروبية والأميركية للمشاركة في الكرنفال ومن ثم كأس دبي العالمي، لأنه يمثل فرصة جيدة وخياراً أفضل للملاك بسبب الجوائز القيمة، والتنظيم الممتاز، فضلاً عن أن تكلفة الخيل هنا منخفضة جداً مقارنة بأوروبا، كما أن الملاك يجدون كل الاحتياجات التي يريدونها في الاسطبلات التي لا يوجد لها مثيل في العالم، وأضاف سموه.. “هناك مساع لزيادة الإسطبلات التي ربما تساعد في زيادة أعداد الخيول القادمة وزيادة أيام الكرنفال، الذي ساهم في تطور كثير من الخيول المحلية والخليجية والتي كانت انطلاقتها من سباقات الكرنفال”.

وقال سموه إن سباق دبي شيماء كلاسيك ضمن أمسية كأس دبي العالمي يعد الأقوى في الحفل، وذلك بسبب جودة الخيول المشاركة خاصة القادمة من أوروبا.

وأضاف سموه.. على الرغم من حرص الخيول الأميركية على المشاركة وتحقيقها نتائج متميزة في كأس دبي العالمي إلا أنها لا تفضل الأرضية الصناعية بميدان، وهذا السبب أفقدنا الكثير من الخيول الأميركية، مشيراً سموه إلى أن خيوله ظلت تشارك في الأرضية الصناعية وأنه لو لم يكن راضياً عنها لما جاء بخيوله إلى ميدان.

 

شمس دبي

وعن تأثير أمطار الخير والرحمة على أرضية الميدان العشبية والاصطناعية، قال سمو الشيخ حمدان بن راشد، إن الأمطار دون شك تؤثر على الأرضية العشبية لكن شمس دبي قادرة على تجفيف الأرضية خلال يوم واحد خاصة إذا كان هناك هواء، وأشار إلى أن الأمطار اذا استمرت بهذه الطريقة ستؤثر لأنها خفيفة ومستمرة وهذا النوع من الأمطار تأثيره أكثر وأقوى من الأمطار الشديدة.

 

ضمن الثلاثة الأوائل

وتوقع سموه أن يكون الجواد “مخضرم” ضمن الثلاثة الأوائل في شوط كأس دبي العالمي 2014، وقال سموه إنه اشترى “مخضرم” قبل 4 سنوات بمبلغ 190 ألف جنيه استرليني مع اثنين من الخيول التي سجلت في ما بعد نتائج في سباقات الفئات، لكنه لم يشارك في عمر 3 سنوات.

وشارك العام الماضي ثلاث مرات في سباقات الفئات حيث كان وصيفاً وثالثاً في “جروب1” ثم فاز في سباقات “جروب2” و”جروب3″، وهو يركض في كل الأرضيات، لكن في هذا السباق لأول مرة يركض على الأرضية الاصطناعية “تابيتا”، وقال سموه إن “مخضرم” لحد الآن لم يتدرب على الأرضية الاصطناعية في ميدان حتى لا يتخوف منها ويأخذ عنها انطباعاً سيئاً، مشيرا سموه إلى أن الجواد في قمة الجاهزية ويملك فرصة قوية للمنافسة إذا كانت رئته صافية وحالته العامة جيدة.

 

“من فرق رجليه طاح”

أشاد سموه بالمدرب الجنوب أفريقي مايك دي كوك، وقال إنه مدرب جيد واستطاع تحقيق نتائج مميزة في جنوب أفريقيا ويعد من أفضل المدربين هناك، لكنه لم ينجح في السباقات الأوروبية، وطيلة هذه الفترة لم يستطع تحقيق نتائج جيدة هناك، ولا شك أن السباقات الأوروبية تختلف عن سباقات جنوب أفريقيا، حيث إن معظم الأرضيات في أوروبا لينة على النقيض من جنوب أفريقيا، وخيول المدرب دي كوك تتوزع على مناطق مختلفة من العالم، وهذا الأمر يصعّب عليه عملية المتابعة فلابد للمدرب أن يرى خيوله إن لم يكن بشكل يومي فعلى الأقل أسبوعياً، لينطبق عليه المثل الشعبي «من فرق رجليه طاح».

 

إشادة

وأشاد سموه بمضمار جبل علي، وقال إنه مضمار عائلي حيث تحرص العوائل على متابعة السباقات ويجدون فيه كامل الراحة والتسهيلات، التي منحته ثقة العوائل للتمتع بأوقات جميلة خلال سباقات الخيل، وأثنى على إدارة المضمار، واقترح أن تقوم الإدارة بإضافة المزيد من الإسطبلات، والتي يمكن أن تجعل المضمار يتطور أكثر ويستقبل المزيد من السباقات.

 

الحظ

وعن كيفية اختيار واقتناء الخيول الجيدة، قال سمو الشيخ حمدان بن راشد.. إن الخيل لها مواصفات معينة، غير مرتبطة بأشكالها، وأحيانا شكلها يختلف عن أدائها، وقال إن العامل الأساسي في نجاح الخيل هو الحظ، فإذا حصل المالك على نجاح 10% من الخيول الجديدة فإن هذا نجاح كبير.

وقال سموه إن الكثير من الخبراء يذهبون إلى المزادات ويدفعون الكثير لشراء الخيول وتكون النتيجة ليس في مستوى المبالغ التي اشتروا بها، وضرب مثلا بالفرس “سلسبيل”.

وقال انه اشتراها بمبلغ 440 جنيهاً استرلينياً وكانت قد حققت نتائج باهرة وغير مسبوقة في بريطانيا واوروبا، وقال انه تم شراء خيول بملايين الجنيهات في ذلك الوقت لكنها لم تكن في مستوى “سلسبيل” الفائزة بالجينيز والدربي.

تطور سباقات القدرة

وقال سموه إن سباقات القدرة في الإمارات أصبحت قوية جداً لكنها تحتاج إلى المزيد من التنظيم، والملاك عرفوا نوعية الخيول التي تستطيع تقديم العطاء الأفضل في السباقات، وهو الأمر الذي زاد من السرعة في السباقات.

وعن تحويل الخيول العربية إلى سباقات القدرة وتأثير ذلك على سباقات الخيول العربية الأصيلة، قال سموه.. لا يوجد أي تأثير لأن خيول القدرة لابد أن يكون الخيل منها عمره 6 سنوات وما وفق، مشيراً إلى أن ذلك جاء في مصلحة اسطبلات الخيول السريعة لأن الخيل الذي يبلغ من العمر 6 سنوات ولا يحقق نتائج يتم إخصاؤه وتركه في الاسطبل، وتحويله لسباقات القدرة.

النصر

بعيداً عن الخيل الذي هو عشق سموه الأول، يدلي لنا بخبرته في كرة القدم أيضاً فاعتبر سمو الشيخ حمدان بن راشد، احتراف الكرة في الدولة دون المستوى المأمول رغم الجهود المبذولة، موضحاً أن منتخبات شرق القارة سبقتنا بأشواط في عالم الاحتراف، مقراً بصعوبة اعتلاء منتخبنا العرش الآسيوي في الوقت الراهن، حاضاً على العمل منذ اللحظة للتأهل إلى كأس العالم 2018، وعدم الانشغال ببطولة آسيا 2015.

وأوضح سموه أن «الأبيض» الإماراتي إذا أراد الذهاب بعيداً في المنافسات العالمية، لابد له أن ينظم بطولات عربية تكسب اللاعبين المزيد من الخبرة عبر الاحتكاك بأقوى المنتخبات على مستوى القارة.

ووصف سموه تجربة الحكم الأجنبي السابقة في ملاعب الدولة بالجيدة، مشيراً إلى معاناة الأندية حالياً من مستوى الحكام المحلي الذي بات حديث الوسط الرياضي، داعياً إلى فرض عقوبة عليهم كي يحسنوا من أدائهم.

وعن ناديه النصر، أفاد سموه بأن «العميد» يزخر بشريحة كبيرة من المواهب الشابة، التي رفدت المنتخبات الوطنية بالعديد من النجوم، إلا أن الخلافات وعدم توافق أعضاء مجالس الإدارات السابقة، أفضت إلى تراجع أداء الفريق في الآونة الأخيرة، مضيفاً أن الأمر اختلف الآن ومجلس الإدارة الحالي على توافق تام.

وذكر سموه أن مدرب النصر سابقاً الصربي لوكا بوناسيتش تسبب في خسارة الفريق العديد من النجوم البارزين، وعلى رأسهم عبدالله موسى، خالد سبيل، وعدنان حسين، موضحاً «أخبرني رئيس مجلس الإدارة وقتها قاضي مروشد أن المدرب استبعد خمسة لاعبين لعدم كفاءتهم وأنه جاءهم عرض، فأشرت له بالاستغناء عنهم، ليتضح فيما بعد أن اللاعبين يلعبون في الدرجة الأولى، واليوم هم من أكفأ اللاعبين.

لقاء: رحاب عمورة

نشر سابقا في مجلة المضمار عام 2014

إهداء اللقاء إلى روح المغفور له سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *